العمراني: تحديد تاريخ التئام «لجنة القدس» سيتم بالتشاور مع جميع الدول الأعضاء فيها - Youssef AmraniYoussef Amrani

العمراني: تحديد تاريخ التئام «لجنة القدس» سيتم بالتشاور مع جميع الدول الأعضاء فيها

 

 

الوزير المنتدب في الخارجية المغربية يقول في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المغرب يتقاسم مع دول مجلس التعاون الخليجي توجهات ورؤى منسجمة.

قال يوسف العمراني، الوزير المنتدب في الخارجية المغربية، إن تحديد تاريخ التئام لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس، سيتم بالتشاور مع جميع الدول العربية والإسلامية الأعضاء في اللجنة، مشيرا إلى أنه كما تم الإعلان عن ذلك في بيان رسمي، جرت مؤخرا مكالمة هاتفية بين العاهل المغربي والرئيس الفلسطيني محمود عباس تم التطرق خلالها إلى انعقاد اجتماع لجنة القدس خلال الأسابيع المقبلة بالمغرب.

واعتبر العمراني، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط، انتخاب المغرب عضوا غير دائم في مجلس الأمن بأنه «اعتراف بالمصداقية الدولية التي تحظى بها المملكة المغربية ودبلوماسيتها النشطة والملتزمة والمواكبة لعصرها». وقال إن المغرب ساهم من خلال عضويته في مجلس الأمن «في التحسيس بالأهمية البالغة والانعكاسات الخطيرة للوضع الأمني في الساحل والصحراء على مجمل العالم».

وتحدث الوزير المغربي عن سياسة المغرب فيما يخص قضية الصحراء، وقال إنها سياسة واضحة تستند على مبدأ السعي لإيجاد حل سياسي سلمي متوافق بشأنه في إطار مقترح الحكم الذاتي. ووصف مبادرة الحكم الذاتي الموسع، التي طرحتها الرباط قبل سنوات، بأنها «تتجاوب مع رغبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في إنهاء حالة الجمود التي أصبحت لا تطاق».

من جهة أخرى، قال العمراني إن المغرب يتقاسم مع دول مجلس التعاون الخليجي «توجهات ورؤى منسجمة، وعلاقات سياسية على مستوى كبير من التميز، فضلا عن توافق وانسجام كبيرين فيما يخص المواقف حيال القضايا العربية والإسلامية والدولية». وأضاف أن الرباط تسعى إلى إقامة تحالف استراتيجي فعلي وفعال مع دول مجلس التعاون الخليجي، ينبني على أسس المصلحة المتبادلة ويسمو بالعلاقات مع هذه الدول إلى مستويات أعلى، وفق مقاربة مبتكرة مبنية على أعمدة واقعية وقوية في إطار خارطة واضحة المعالم. وفي ما يلي نص الحوار.

* كيف تقيم أداء الدبلوماسية المغربية بصورة عامة، منذ تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، خصوصا أن المغرب اليوم هو عضو غير دائم في مجلس الأمن؟

– قد يضيق المجال لتقييم أداء الدبلوماسية المغربية، ولكن يمكن الجزم بأن المغرب استطاع تحقيق الكثير من النجاحات، ويمكن القول أيضا إن هذه النجاحات تعود بالأساس إلى كون السياسة الخارجية للمغرب تتميز بقواعدها الراسخة، ونهجها المتوازن، وثوابتها وأولوياتها  اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺮؤﻳﺔ جلالة اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪ السادس. كما أن الدستور الجديد حدد ملامح الدبلوماسية المغربية عندما أشار إلى البعد المغاربي والعربي والإسلامي والأفريقي والأورو – متوسطي. إجمالا، يمكن القول إن الدبلوماسية المغربية تتميز بديناميكية تسمح لها بالتفاعل مع كل المستجدات والتحولات التي يشهدها محيط المغرب الإقليمي والدولي.

وقد سمحت هذه المميزات، بالإضافة طبعا إلى استقرار المغرب السياسي ومؤهلاته الاقتصادية، بتبوؤ المملكة المغربية مكانة مرموقة على الساحة الدولية، مكنتها من إقامة شراكات استراتيجية مع كثير من الدول تهم الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية.

* وماذا بالنسبة لأداء المغرب في مجلس الأمن باعتباره البلد العربي الوحيد العضو فيه؟

– بالنسبة لأداء المغرب كبلد عربي وحيد داخل مجلس الأمن، الذي يمثل انتخابه لعضويته في حد ذاته اعترافا بالمصداقية الدولية التي تحظى بها المملكة ودبلوماسيتها النشطة والملتزمة والمواكبة لعصرها، يمكن التأكيد أنه ظل وفيا لمبادئه والتزامه التام بالتضامن مع جميع شركائه وأشقائه في كل القضايا المصيرية والعادلة، حيث دافع باستماتة عن القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وساهم في المجهود الدولي الهادف إلى إيجاد حلول للأزمتين السورية والمالية، كما ساهم في التحسيس بالأهمية البالغة والانعكاسات الخطيرة للوضع الأمني بالساحل والصحراء على مجمل العالم.

* أين تكمن هذه المساهمة، وما نتائجها؟

– مثلا، عرفت فترة رئاسة المغرب لمجلس الأمن خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012، المصادقة على البيان الرئاسي الذي أعدته الرباط حول منطقة الساحل والصحراء، واعتماد القرار 2085 المتعلق بأزمة مالي، الذي نشرت بموجبه قوات دولية بهذا البلد، وهو القرار الذي جاء كتتويج للجهود الدولية في سبيل حل هذه الأزمة. كما عمل المغرب خلال هذه الفترة على دعم جهود تحقيق السلم والأمن الدوليين، ودافع عن قرارات الجامعة العربية المتعلقة بسوريا وفلسطين.

وأود هنا الإشارة إلى أن القضية الفلسطينية توجد في صلب انشغالات المغرب الدائمة، كما يوليها جلالة الملك محمد السادس أهمية خاصة، بصفته رئيسا للجنة القدس، كما أكد ذلك في خطابه الموجه إلى القمة الثانية عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت بالقاهرة، الذي دعا فيه إلى التفاعل الإيجابي مع جهود المصالحة الفلسطينية.

أما فيما يتعلق بسوريا، وانطلاقا من التزام المغرب العميق والقوي بالتضامن مع جميع شركائه وأشقائه، فقد ساهم من موقعه كعضو في مجلس الأمن، في حشد الدعم الدولي لمبادرات وقرارات الجامعة العربية وكرر من دعواته لمضاعفة الجهود والتحرك لدفع النظام السوري إلى وقف العنف، وإجراء عملية انتقال سياسي تشمل جميع مكونات المجتمع السوري، وتستجيب لتطلعاته، وتضمن الوحدة الترابية والوطنية لهذا البلد، واستقرار المنطقة كلها. كما عمل المغرب على تعبئة جهود المجتمع الدولي لفائدة الشعب السوري، باستضافته الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة أصدقاء الشعب السوري» بمراكش، الذي ساهم في توحيد المعارضة السورية، وحشد الاعتراف الدولي بها كممثل شرعي للشعب السوري. من جانب آخر، ظل المغرب وفيا للخط الذي دافع عنه دائما والمرتبط بالبعد الإنساني للأزمات، وبادر إلى إقامة مستشفى ميداني متعدد الاختصاصات بمخيم الزعتري للاجئين في المملكة الأردنية.

كل هذه المواقف عبر عنها بجلاء جلالة الملك في خطابه الموجه إلى القمة الثانية عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، حيث لم يكتفِ الملك محمد السادس بإعطاء تحليل دقيق للوضعية العربية والإسلامية والدولية، بل سلط الضوء على أزمة المحددات التي تؤثر سلبا على قيم التسامح والتعايش والحق في الاختلاف، وتؤدي إلى نزعات التطرف والإقصاء، واهتزاز المرجعيات القيمية، وذلك ما يفتح الباب أمام العنف وانتشار بؤر التوتر والإرهاب. كما عمل جلالة الملك على حث منظمة التعاون الإسلامي على أخذ المبادرة واقتراح الحلول لكونها تتوفر على كل المقومات اللازمة لذلك، وأكد استعداد المغرب للمساهمة في هذه العملية.

* جرى الحديث مؤخرا عن قرب التئام لجنة القدس برئاسة العاهل المغربي؛ هل تم تحديد موعد لاجتماعها؟

– كما تم الإعلان عن ذلك في بيان رسمي، جرت مؤخرا مكالمة هاتفية بين جلالة الملك والرئيس الفلسطيني محمود عباس تم التطرق خلالها إلى انعقاد اجتماع لجنة القدس خلال الأسابيع المقبلة بالمغرب. وسيتم تحديد التاريخ بالتشاور مع جميع الدول العربية والإسلامية الأعضاء في اللجنة.

* تحدثتم عن أولويات وثوابت الدبلوماسية المغربية التي تحتل فيها قضية الصحراء مركزا محوريا، فماذا عن آخر مستجدات هذا الملف؟

– أولا، ينبغي التأكيد على أن سياسة المغرب فيما يخص قضيته الوطنية الأولى هي سياسة واضحة تستند على مبدأ السعي لإيجاد حل سياسي سلمي متوافق بشأنه في إطار مقترح الحكم الذاتي الذي يحظى بدعم وإشادة الفاعلين في المجتمع الدولي، ووصفته الأمم المتحدة بأنه جديّ وذو مصداقية وواقعية، ويشكل أرضية لحل سياسي يضع حدا لهذا النزاع المفتعل بعيدا عن المواقف المتصلبة والمقاربات المتجاوزة. كما أن المغرب عبر أكثر من مرة عن استعداده للتفاوض على أساس الضوابط الواضحة التي وضعها وأكدها غير مرة مجلس الأمن، وهي الواقعية وروح التوافق الإيجابي.

ولا تفوتني الفرصة هنا للتأكيد على أن المبادرة الوجيهة بتخويل الصحراء المغربية حكما ذاتيا في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية شكلت منعطفا مهما في مسار التسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، خاصة أن هذه المبادرة تتجاوب مع رغبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في إنهاء حالة الجمود التي أصبحت لا تطاق.

أما بخصوص آخر تطورات هذا الملف، فبعد المكالمة الهاتفية التي جرت بين جلالة الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أغسطس (آب) الماضي، وتم خلالها التأكيد على ضرورة تحقيق تقدم في مسلسل التسوية على أسس قوية وسليمة، اقترحت الأمم المتحدة مقاربة جديدة لإعطاء دفعة قوية لمسلسل المفاوضات، التي تقوم على «الدبلوماسية المكوكية»، وهي المقاربة التي تقوم على المساعدة والتعجيل بالتوصل إلى تسوية تنخرط فيها جميع الأطراف المعنية، خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي تعرفها المنطقة، والأوضاع الأمنية الهشة التي تهيمن على منطقة الساحل ومالي.

كما قام المغرب بمواصلة مجهوداته لتفعيل الجهوية المتقدمة بأقاليمه الجنوبية، وأذكر هنا الورقة التأطيرية المتمحورة حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الأقاليم، باعتبارها تشكل دفعة جديدة لجهود التنمية، وخلق فرص الشغل لفائدة السكان.

على النقيض من هذا المجهود، تستمر الأطراف الأخرى في عرقلة الجهود والمساعي لإنهاء هذا النزاع المفتعل، بما في ذلك توظيفهم لملف حقوق الإنسان.

* الحديث عن حقوق الإنسان يدفعني إلى سؤالك عن المحاكمة التي انتهت الليلة قبل الماضية في المحكمة العسكرية بالرباط لمتهمي أحداث مخيم «أكديم إيزيك»، في العيون، كبرى مدن الصحراء، التي راح ضحيتها 11 عنصرا من قوات الأمن المغربي والوقاية المدنية. ما ردكم على قول البعض بعدم اختصاص المحكمة بنظر القضية؟

– ينبغي التأكيد على أن إحالة المتهمين في الأحداث الإجرامية التي وقعت بمخيم «أكديم إيزيك» على أنظار المحكمة العسكرية، تمت بموجب القانون المغربي، حيث إن اختصاص هذه المحكمة يمتد ليشمل المدنيين الذين ارتكبوا جريمة حيال عضو من قوات الأمن العمومي، كما أن هذه المحكمة وفرت الضمانات القانونية التي تكفل شروط المحاكمة العادلة. وهذا ليس استثناء مغربيا، بل تعمل به دول ديمقراطية أخرى كثيرة.

علاوة على هذا، فإن أطوار المحاكمة حظيت بمتابعة منابر حقوقية وإعلامية محلية ودولية، وتميزت بحضور مراقبين دوليين، الشيء الذي يفند ادعاءات بعض الأطراف التي ترغب في تسييسها خدمة لأجندتهم السياسية.

إن ما يحز في النفس فعلا، هو محاولة بعض الجهات تغليط الرأي العام الدولي حول حقيقة ما وقع في مخيم «أكديم إيزيك»، وإعطاء محاكمة المتهمين بعدا سياسيا دون أدنى اعتبار لمشاعر عائلات ضحايا هذه الأفعال الإجرامية.

* ينتظر أن يزور كريستوفر روس مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، المنطقة خلال الشهر المقبل. ماذا تنتظرون من زيارته، وهل لديكم صورة واضحة عن مدلول «الدبلوماسية المكوكية» التي أعلن، عقب جولته الأخيرة للمنطقة، أنه سينتهجها؟

– ننتظر من المبعوث الشخصي للأمين العم للأمم المتحدة حث الأطراف الأخرى على الانخراط بكل جدية في المسلسل السياسي، والتحلي بروح الواقعية وفقا للضوابط التي وضعها مجلس الأمن، خاصة أن حالة الجمود أصبحت أمرا لا يطاق بسبب ما تعرفه المنطقة من مخاطر وتهديدات. أما بالنسبة لمقترح الدبلوماسية المكوكية، نتمنى أن تساهم هذه المقاربة الجديدة في التسريع بوتيرة التوصل إلى الحل السياسي المنشود.

* المعروف أن مشكلة الصحراء تعيق الاندماج المغاربي المنشود؛ أما زلتم متفائلين بتحقيق هذا الاندماج من دون حل هذا النزاع الذي طال أمده، وأبلت فيه الجزائر بلاء حسنا؟

– كما تعلمون، فإن بناء المغرب العربي يعد من أولويات الدبلوماسية المغربية، من هذا المنطلق، عملت المملكة المغربية، إيمانا منها بفعالية وفائدة العمل الجهوي المشترك على القيام بمبادرات مهمة، بغرض تفعيل الاتحاد المغاربي لما يمثله من ضرورة استراتيجية ولما تمليه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه دول المنطقة. لقد أكد المغرب مرارا تمسكه بخيار بناء الاتحاد المغاربي، الذي يتطلب تجسيده إرادة سياسية حقيقية مشتركة، وقطيعة مع منطق الجمود الذي يرهن مستقبله.

إن عملية بناء الاتحاد المغاربي التي يوليها جلالة الملك محمد السادس اهتماما خاصا، تحتم على الدول المغاربية الخمس العمل على بلورة آليات تدعم التضامن والتكامل والاندماج وحسن الجوار.

* وماذا عن المقاربة المغربية بشأن العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي؟

– بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، المغرب يتقاسم معها توجهات ورؤى منسجمة، وعلاقات سياسية على مستوى كبير من التميز، فضلا عن توافق وانسجام كبيرين فيما يخص المواقف حيال القضايا العربية والإسلامية والدولية. في هذا الإطار، يسعى المغرب إلى إقامة تحالف استراتيجي فعلي وفعال مع دول مجلس التعاون الخليجي، ينبني على أسس المصلحة المتبادلة ويسمو بالعلاقات مع هذه الدول إلى مستويات أعلى، وفق مقاربة مبتكرة مبنية على أعمدة واقعية وقوية في إطار خارطة واضحة المعالم.

ولقد عرفت هذه العلاقات قفزة نوعية مهمة، بمناسبة جولة جلالة الملك في المنطقة سنة 2012، التي تُوجّت بقرار إقامة شراكة استراتيجية، وفتحت قا ا ى اون و ت لدعم المشاريع التنموية تهم على الخصوص ميادين الفلاحة والتجهيزات الأساسية والتعليم العالي والصحة والسكن، وكذا الاتفاق على « ز 2012 و2017، ت اون ا، ويجعل من هذه الشراكة الاستراتيجية نموذجا لتعاون رابح – رابح.

* تشكل القارة الأفريقية امتدادا استراتيجيا بالنسبة للمغرب، وعلى الرغم من علاقاته الأفريقية المتعددة يبقى الحضور المغربي بالقارة السمراء متأثرا بغيابه عن الاتحاد الأفريقي. ألا ترى أن المغرب أخطأ حينما انتهج سياسة «المقعد الفارغ»، رغم الظلم والحيف الذي طاله من المنتظم الأفريقي بقبوله عضوية «جمهورية وهمية»؟

– كان قرار انسحابنا من منظمة الوحدة الأفريقية قرارا شجاعا ومنسجما مع مواقفنا ومبادئنا الراسخة بعد إقحام كيان وهمي لا يمثل إلا نفسه، ولا يتوفر على أي عنصر من عناصر السيادة. لكن المفارقة الإيجابية تكمن، على الرغم من انسحابنا من المنتظم الأفريقي، في التطور الكبير الذي شهدته علاقات المغرب بالدول الأفريقية؛ سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو الإنساني.

فالمغرب لم يكف عن إيلاء أهمية قصوى لتطوير علاقاته مع الدول الأفريقية في إطار شراكة متعددة الأبعاد، مبنية على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة. فسياسة المغرب فيما يخص هذه القارة تضع نصب أعينها كهدف استراتيجي الرفع من التعاون مع الدول الأفريقية ليصل إلى مستوى شراكة حقيقية فاعلة ومتضامنة.

* هل الدور الذي لعبه المغرب في أزمة مالي يمكن أن يُدرج أيضا ضمن هذه المقاربة؟

– باعتباره دولة أفريقية فاعلة، عمل المغرب دوما على إثارة انتباه المجتمع الدولي بشأن الحاجة الملحة للرد بصفة حازمة ومتضامنة على التطورات المقلقة في الساحل والصحراء، التي تهدد السلام والاستقرار في المنطقة، وإلى ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب في إطار مقاربة استباقية، شاملة وتشاورية، خاصة أن مالي اجتمعت فيها مظاهر التطرف والإرهاب والانفصال، وتخريب رموز البلاد التراثية وزعزعة الثوابت الدينية.

كما دعم المغرب الجهود المبذولة من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، حيث شاركت شخصيا في قمة أبوجا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، التي وضعت تصورا استراتيجيا لتسوية الأزمة. وعلى صعيد الأمم المتحدة، فقد مهد القرار 2085 الطريق لتدخل سريع وناجع لقوات فرنسية ومالية وأفريقية، بغرض وقف زحف الجماعات الإرهابية المسلحة التي تهدد السيادة والوحدة الترابية لمالي. هذا التدخل الفرنسي المنجز بناء على طلب السلطات المالية، يهدف بالأساس إلى إنقاذ واحترام استقلال مالي ووحدتها الترابية، وتفادي تفاقم هذا الصراع وزعزعة استقرار المنطقة برمتها.

وفي السياق ذاته كذلك، تأتي مشاركة المملكة المغربية في اجتماع الدول المانحة الذي عقد في أديس أبابا يوم 29 يناير الماضي، والذي أعلن خلاله المغرب عن مساهمته المالية في جهود تمويل البعثة الدولية لدعم مالي، مستجيبا بذلك لدعوات المجتمع الدولي.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الاجتماع عقد بمقر الاتحاد الأفريقي، وبما أن المغرب ليس عضوا بهذه المنظمة، فقد جاءت مشاركته اعترافا بدوره في الملف المالي، وتتويجا لجهود الدبلوماسيين المغاربة.

وللتذكير، فإن الجانب الإنساني يبقى حاضرا كذلك، حيث عمل المغرب على إرسال مساعدات غذائية لمالي للتخفيف من حدة معاناة سكانها، وكذا للاجئين في الدول المجاورة، موفيا في ذلك بالتزامه بمبدأ التضامن لفائدة الشعوب الأفريقية الشقيقة.

* هل يمكن اعتبار مشاركة المغرب مؤخرا في اجتماع بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا خطوة أولى نحو العودة إلى حظيرة الاتحاد، وطي صفحة «المقعد الشاغر»؟

– مواقفنا بهذا الخصوص واضحة ويعلمها الجميع، وأود التذكير بأن وزيري الخارجية السابقين السيدين محمد بن عيسى والطيب الفاسي الفهري عملا على الوجود والحضور باستمرار في أديس أبابا من أجل الالتقاء بالمسؤولين الأفارقة على هامش القمم والمؤتمرات الأفريقية، كما يشارك المغرب في اللقاءات والمنتديات التي تجمع أفريقيا ببعض القوى الفاعلة كالاتحاد الأوروبي والصين واليابان وتركيا.

 

حاتم البطيوي

 

 

média

 

attachment-1 photo-2b conference-youssef-amrani b-20 img_0051 milan-oct-2015 2016-02-12 - Youssef Amrani, Minister in Charge of Mission at the Royal Cabinet of Morocco gesticulates on the conference "The Challenges for Security Services in of Imported Terrorism in Europe" from the Middle East Peace Forum on the Munich Security Conference in Munich, Germany. Photo: MSC/dedimag/Sebastian Widmann upm 23023365664_05464c6a50_o